الاحتباس الحراري
مقدمة
يتفق العلماء المؤيدون لهذه الظاهرة على ضرورة العمل للحد من ارتفاع درجات
الحرارة قبل فوات الأوان وذلك من خلال معالجة الأسباب المؤدية للارتفاع
واتخاذ الاجراءات الرسمية في شأنها على مستوى العالم بأكمله، لأن مزيدًا
من الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم يؤدي إلى ارتفاع
درجة الحرارة.
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الإنسان .
ولنبين أهمية المناخ وتأرجحه أنه قد أصبح ظاهرة بيئية محيرة. فلما إنخفضت
درجة الحرارة نصف درجة مئوية عن معدلها لمدة قرنين منذ عام 1570 م مرت
أوروبا بعصر جليدي جعل الفلاحين يهجون من أراضيهم ويعانون من المجاعة لقلة
المحاصيل. وطالت فوق الأرض فترات الصقيع. والعكس لو زادت درجة الحرارة
زيادة طفيفة عن متوسطها تجعل الدفء يطول وفترات الصقيع والبرد تقل مما
يجعل النباتات تنمو والمحاصيل تتضاعف والحشرات المعمرة تسعي وتنتشر. وهذه
المعادلة المناخية نجدها تعتمد علي ارتفاع أو إنخفاض متوسط الحرارة فوق
كوكبنا.
ولاحظ العلماء أن ارتفاع درجة الحرارة الصغرى ليلا سببها كثافة الغيوم
بالسماء لأنها تحتفظ تحتها بالحرارة المنبعثة من سطح الأرض ولا تسربها
للأجواء العليا أو الفضاء. وهذا مايطلق عليه ظاهرة الاحتباس الحراري أو
مايقال بالدفيئة للأرض أو ظاهرة البيوت الزجاجبة. مما يجعل حرارة النهار
أبرد. لأن هذه السحب تعكس ضوء الشمس بكميات كبيرة ولاتجعله ينفذ منها
للأرض كأنها حجب للشمس أو ستر لحرارتها. وفي الأيام المطيرة نجد أن التربة
تزداد رطوبة. ورغم كثرة الغيوم وكثافتها بالسماء إلا أن درجة الحرارة
لاترتفع لأن طاقة أشعة الشمس تستنفد في عملية التبخير والتجفيف للتربة.
ودرجة حرارة الأرض تعتمد علي طبيعتها وخصائص سطحها سواء لوجود الجليد في
القطبين أو فوق قمم الجبال أو الرطوبة بالتربة والمياه بالمحيطات التي
لولاها لأرتفعت حرارة الأرض. لأن المياه تمتص معظم حرارة الشمس الواقعة
علي الأرض. وإلا أصبحت اليابسة فوقها جحيما لايطاق مما يهلك الحرث والنسل.
كما أن الرياح والعواصف في مساراتها تؤثر علي المناخ الإقليمي أو العالمي
من خلال المطبات والمنخفضات الجوية. لهذا نجد أن المناخ العالمي يعتمد علي
منظومة معقدة من الآليات والعوامل والمتغيرات في الجو المحيط أو فوق سطح
الأرض.
فالأرض كما يقول علماء المناخ بدون الجو المحيط بها سينخفض درجة حرارتها
إلي –15درجة مئوية بدلا من كونها حاليا متوسط حرارتها +15درجة مئوية. لأن
الجو المحيط بها يلعب دورا رئيسيا في تنظيم معدلات الحرارة فوقها. لأن
جزءا من هذه الحرارة الوافدة من الشمس يرتد للفضاء ومعظمها يحتفظ به في
الأجواء السفلي من الغلاف المحيط. لأن هذه الطبقة الدنيا من الجو تحتوي
علي بخار ماء وغازات ثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرها وكلها تمتص
الأشعة تحت الحمراء. فتسخن هذه الطبقة السفلي من الجو المحيط لتشع حرارتها
مرة ثانية فوق سطح الأرض. وهذه الظاهرة يطلق عليها الاحتباس الحراري أو
ظاهرة الدفيئة أو الصوبة الزجاجية الحرارية. ومع ارتفاع الحرارة فوق سطح
الأرض أو بالجو المحيط بها تجعل مياه البحار والمحيطات والتربة تتبخر. ولو
كان الجو جافا أو دافئا فيمكنه استيعاب كميات بخار ماء أكثر مما يزيد
رطوبة الجو. وكلما زادت نسبة بخار الماء بالجو المحيط زادت ظاهرة الاحتباس
الحراري. لأن بخار الماء يحتفظ بالحرارة. ثم يشعها للأرض.
ولقد وجد أن الإشعاعات الكونية والغيوم تؤثر علي تغيرات المناخ بالعالم
ولاسيما وأن فريقا من علماء المناخ الألمان بمعهد ماكس بلانك بهايدلبرج في
دراستهم للمناخ التي نشرت مؤخرا بمجلة (جيوفيزيكال ريسيرتش ليترز) التي
يصدرها الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي. وقد جاء بها أنهم عثروا على أدلة
علي العلاقة ما بين هذه الأشعة والتغيرات المناخية فوق الأرض. فلقد
إكتشفوا كتلا من الشحنات الجزيئية في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي
تولدت عن الإشعاع الفضائي. وهذه الكتل تؤدي إلي ظهور الأشكال النووية
المكثفة التي تتحول إلى غيوم كثيفة تقوم بدور أساسي في العمليات المناخية
حيث يقوم بعضها بتسخين العالم والبعض الآخر يساهم في إضفاء البرودة عليه.
ورغم هذا لم يتم التعرف إلى الآن وبشكل كامل على عمل هذه الغيوم. إلا أن
كميات الإشعاعات الكونية القادمة نحو الأرض تخضع بشكل كبير لتأثير الشمس.
والبعض يقول أن النجوم لها تأثير غير مباشر على المناخ العام فوق الأرض.
ويرى بعض العلماء أن جزءا هاما من الزيادة التي شهدتها درجات حرارة الأرض
في القرن العشرين، ربما يكون مرده إلى تغيرات حدثت في أنشطة الشمس، وليس
فقط فيما يسمى بالاحتباس الحراري الناجم عن الإفراط في استخدام المحروقات.
وقد قام الفريق الألماني بتركيب عدسة أيونية ضخمة في إحدى الطائرات.
فوجدوا القياسات التي أجروها قد رصدت لأول مرة في الطبقات العليا من
الغلاف الجوي أيونات موجبة ضخمة بأعداد كثيفة. ومن خلال مراقبتهم وجدوا
أدلة قوية بأن الغيوم تلعب دورا هاما في التغير المناخي حسب تأثيرها على
الطبقات الأيونية وتشكيل ونمو هذه الجزيئات الفضائية في الطبقات العليا من
الغلاف الجوي. مما يؤيد النظرة القائلة بأن الأشعة الكونية يمكن أن تساهم
في التغيرات المناخية وتؤثر على قدرة الغيوم على حجب الضوء.
وفي مركز (تيندال للأبحاث حول التغيرات المناخية) التابع لجامعة إيست
أنجليا في بريطانيا إكتشف مؤخرا أهمية الغيوم في المنظومة المناخية وأن
للغيوم تأثيرا قويا في اختراق الأشعة للغلاف الجوي للأرض. لأن الغيوم تمنع
بعض إشعاعات الموجات القصيرة الوافدة نحو الأرض، كما تمتص إشعاعات أرضية
من نوع الموجات الطويلة الصادرة عن الأرض مما يسفر عن حجب هذه الأشعة
القصيرة وإمتصاص الأشعة الطويلة برودة وزيادة حرارة الغلاف الجوي على
التوالي. فقد يكون تأثير السحب كبيرا لكن لم يظهر حتي الآن دليل يؤيد صحة
ذلك. لأن السحب المنخفضة تميل إلى البرودة، بينما السحب العليا تميل وتتجه
نحو الحرارة. لهذا السحب العليا تقوم بحجب نور الشمس بشكل أقل مما تفعله
السحب المنخفضة كما هو معروف.
لكن الغيوم تعتبر ظواهر قادرة على امتصاص الأشعة تحت الحمراء. لأن الغيوم
العالية تكون طبقاتها الفوقية أكثر برودة من نظيرتها في الغيوم المنخفضة
وبالتالي فإنها تعكس قدرا أقل من الأشعة تحت الحمراء للفضاء الخارجي. لكن
ما يزيد الأمر تعقيدا هو إمكانية تغير خصائص السحب مع تغير المناخ، كما أن
الدخان الذي يتسبب فيه البشر يمكن أن يخلط الأمور في ما يتعلق بتأثير
ظاهرة الاحتباس الحراري على الغيوم.
ويتفق كثير من علماء الجيوفيزياء على أن حرارة سطح الأرض يبدو أنها بدأت
في الارتفاع بينما تظل مستويات حرارة الطبقات السفلى من الغلاف الجوي على
ما هي عليه. لكن هذا البحث الذي نشر حول تأثير الإشعاعات الكونية يفترض أن
هذه الإشعاعات يمكنها أن تتسبب في تغييرات في الغطاء الخارجي للسحب. و هذا
الغطاء قد يمكن تقديم شرحا للغز الحرارة. وأن الاختلاف في درجات الحرارة
بالمناخ العالمي ليس بسبب التغيرات التي سببها الإنسان على المناخ .لأن
الشواهد علي هذا مازالت ضعيفة. فهذا التأثير يفترض أن يظهر في ارتفاع كامل
في الحرارة من الأسفل نحو الغلاف الجوي.ورغم أن العلماء رأوا أن التغييرات
الطارئة على غطاء السحب يمكن أن تفسر هذا الاختلاف، فإنه لم يستطع أحد أن
يقدم دليلا عن أسباب الاختلافات الموجودة في مستويات الحرارة بالمناخ
العالمي. لكن الدراسة الأخيرة رجحت أن تكون الأشعاعات الكونية، وهي عبارة
عن شحنات غاية في الصغر وتغزو مختلف الكواكب بقياسات مختلفة حسب قوة
الرياح الشمسية وربما تكون هذه هي الحلقة المفقودة في تأثير الأشعة
الكونية علي المناخ فوق كوبنا .
وفي جبال الهيملايا وجد 20 بحيرة جليدية في نيبال و 24 بحيرة جليدية في
بوتان قد غمرت بالمياه الذائبة فوق قمة جبال الهيملايا الجليدية مما يهدد
المزروعات والممتلكات بالغرق والفيضانات لهذه البحيرات لمدة عشر سنوات
قادمة. وبرجح العلماء أن سبب هذا إمتلاء هذه البحيرات بمياه الجليد
الذائب. وحسب برنامج البيئة العالمي وجد أن نيبال قد زاد معدل حرارتها 1
درجة مئوية وأن الغطاء الجليدي فوق بوتان يتراجع 30 –40 مترا في السنة.
وهذه الفيضانات لمياه الجليد جعلت سلطات بوتان ونيبال تقيم السدود لدرأ
أخطار هذه الفيضانات.
مع بداية الثورة الصناعية ،في حوالي العام 1850 ، بدأ يرتفع تركيز ثاني
أكسيد الكربون الجوي ، نجم عن هذا الارتفاع وبشكل كبير عن إحراق الوقود
الأحفوري الذي يطلق ثاني أكسيد الكربون كمادة ناتجة فرعية ، قد تتوقع
استفادة النبات من تنامي ثاني أكسيد الكربون في الجو ، إلا أنه في واقع
الأمر يمكن لارتفاع منسوب ثاني أكسيد الكربون في الجو إلحاق الضرر
بالكائنات الحية ذات البناء الضوئي أكثر من مساعدتها .
يحتجز ثاني أكسيد الكربون و غازات أخرى في الجو بعض حرارة كوكب الأرض ،
وهذا يجعل الأرض أكثر سخونة ، وقد يؤدي هذا الاحتباس الحراري إلى خفض
الهطول على الأرض ، فتتصحر مناطق وقد لا تعود ملائمة لمعظم النباتات .
كذلك يتفاعل ثاني أكسيد الكربون في الجو مع الماء فتنتج هطول حمضية ، يمكن أن تؤدي إلى هلاك النباتات .
أنقسام العلماء حول الظاهرة:
يوجد فريق يري أن غازات الدفيئة هي السبب وراء ظاهرة الاحتباس الحراري،
وأن وراء زيادة نسب الغازات الدفيئة زيادة في نسب التلوث الجوي الناشئة عن
ملوثات طبيعية (كالبراكين وحرائق الغابات والملوثات العضوية) وملوثات
صناعية ناتجة عن نشاطات الإنسان من استخدام للطاقة (بترول وفحم وغاز
طبيعي) وعن الغازات السامة المنبعثة من المصانع وقطع الأخشاب وإزالة
الغابات، وهذا يؤدي إلى زيادة انبعاث غازات الدفيئة.
وبما أننا غير قادرون على التدخل في الملوثات الطبيعية، فعلينا أن نحد من الملوثات التي نتسبب فيها.
يوجد فريق يعارض هذه الظاهرة، فيرون أن هناك العديد من الأسباب التي تدعو
إلى عدم التأكد من تسبب زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري في ارتفاع درجة
الحرارة على سطح الأرض، حيث يرون أن هناك دورات لارتفاع وانخفاض درجة
حرارة سطح الأرض، و أن مناخ الأرض يشهد طبيعيا فترات ساخنة وفترت باردة
مستشهدين بذلك عن طريق فترة جليدية أو باردة نوعا ما بين القرن 17 و 18 في
أوروبا. كما يؤكدون هذا الرأي ببداية وجود ارتفاع في درجة حرارة الأرض ،
والتي بدأت من عام 1900 واستمرت حتى منتصف الأربعينيات ، ثم بدأت في
الانخفاض في الفترة بين منتصف الأربعينيات و منتصف السبعينيات ، حتى إنهم
تنبأوا بقرب حدوث عصر جليدي آخر، ثم بدأت درجة حرارة الأرض في الارتفاع
مرة أخرى ، وبدأ مع الثمانينيات فكرة تسبب زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري
في ارتفاع درجة حرارة الأرض.
ويؤكد رأيهم قصور برامج الحاسوب التي تستخدم للتنبؤ باحتمالات التغيرات
المناخية المستقبلية في مضاهاة نظام المناخ للكرة الأرضية، لأنهم يرون أن
هذا النظام (المناخي) معقد و ما يؤثر به مؤثرات شديدة التعقيد، تفوق قدرات
أسرع وأذكى أجهزة الحواسيب و قدرات العلماء مازالت ضئيلة مما يصعب (أو
يستحيل) معه التنبؤ الصحيح بالتغيرات المناخية طويلة الأمد. و يريح هذا
التفسير كثيرا من الشركات الملوثة مما يجعلها دائما ترجع إلى مثل هذه
الأعمال العلمية لتتهرب من مسؤوليتها أو من ذنبها في ارتفاع درجات الحرارة.
ما بين المؤيدين والمعارضين ظهر رأي ثالث هو أن السبب الرئيسي في زيادة
درجة حرارة الأرض هو الرياح الشمسية؛ حيث تؤدي تلك الرياح الشمسية بمساعدة
المجال المغناطيسي للشمس إلى الحد من كمية الأشعة الكونية التي تخترق
الغلاف الجوي للأرض ، و التي تحتوي على جزيئات عالية الطاقة تقوم
بالاصطدام بجزيئات الهواء؛ لتنتج جزيئات جديدة تعد النواة لأنواع معينة من
السحب التي تساعد على تبريد سطح الأرض ، وبالتالي فإن وجود هذا النشاط
الشمسي يعني نقص كمية الأشعة الكونية، أي نقص السحب التي تساعد على تبريد
سطح الأرض وبالتالي ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض.
ويرى هذا الفريق أن هذا الرأي أكثر منطقية وأبسط تبريرًا لارتفاع درجة
حرارة الأرض، وأنه عند انخفاض هذا النشاط الشمسي المؤقت ستعود درجة حرارة
الأرض إلى طبيعتها، بالتالي يرون ضرورة توفير المبالغ الطائلة التي تُنفق
على البحث عن وسائل لتخفيض نسب انبعاث ثاني أكسيد الكربون؛ حيث إنهم مهما
قاموا بتخفيض نسبه فلن يغير هذا من الأمر شيءًا مادام النشاط الشمسي
مستمرًّا ؛ حيث أن الإنسان مهما زاد نشاطه على سطح هذا الكوكب فلن يكون ذا
تأثير على النظام الكوني الضخم الذي يتضمن النظام المناخي للأرض؛ لذلك من
الأفضل استخدام تلك الأموال في تنقية هواء المدن المزدحمة من الغازات
السامة، أو تنقية مياه الشرب لشعوب العالم الثالث.
الظواهر المتوقعة نتيجة الإحتباس الحراري:
1- ذوبان الجليد سيؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر.
2- غرق الجزر المنخفضة والمدن الساحلية .
3- إزدياد الفياضانات .
4- حدوث موجات جفاف و تصحر مساحات كبيرة من الأرض.
5- زيادة عدد و شدة العواصف و الأعاصير.
6- انشار الأمراض المعدية في العالم .
7- إنقراض العديد من الكائنات الحية .
8- حدوث كوارث زراعية وفقدان بعض المحاصيل.
9- احتمالات متزايدة بوقوع أحداث متطرفة في الطقس.
10- زيادة حرائق الغابات .