منتدى نانسي عجرم
منتديات الفنانة نانسي عجرم ترحب باحلى اعضاء تفضل بالتسجيل في منتدانا
منتدى نانسي عجرم
منتديات الفنانة نانسي عجرم ترحب باحلى اعضاء تفضل بالتسجيل في منتدانا
منتدى نانسي عجرم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


احلى منتدى لاحلى ملكة نانسي عجرم
 
الرئيسيةمنتدى ورد الياسأحدث الصورالتسجيلدخول
منتديات ورد الياسمين ترحب باعضائها الكرام
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» أداب الإسلام فى استقبال المولود
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالأحد يوليو 10, 2011 7:06 pm من طرف أبوعبدو

» القدر والدعاء
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالأحد يوليو 10, 2011 7:01 pm من طرف أبوعبدو

» حقيقة مفهـوم الســاعـة
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالأحد يوليو 10, 2011 6:56 pm من طرف أبوعبدو

» علامات الساعة (ساعة الهلاك العام)
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالأحد يوليو 10, 2011 6:53 pm من طرف أبوعبدو

» زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب رضي الله عنها
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالخميس يناير 27, 2011 9:17 pm من طرف أبوعبدو

» الحكمة من زواجه صلى الله عليه وسلم أكثر من زوجة
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالخميس يناير 27, 2011 9:14 pm من طرف أبوعبدو

» لم عبر تعالى عن المطر بكلمة (ودق) ؟
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالخميس يناير 27, 2011 9:05 pm من طرف أبوعبدو

» السيد المسيح رسول السلام يلوح بالأفق للعودة
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالخميس يناير 27, 2011 9:01 pm من طرف أبوعبدو

» هل وقع تأثير السحر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!.
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 13, 2010 5:58 pm من طرف أبوعبدو

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
pubarab
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
moonstone
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
ياسمين
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
Nony
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
ميدو حسام
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
صديقة نانسى عجرم
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
الحياة حلوة
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
ميلا
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
sho sho
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
صور نانسي
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 
عبير وردة الياسمين
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_rcapتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_voting_barتفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_vote_lcap 

 

 تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
moonstone
ادارة
ادارة
moonstone


علم دولتك : مصر
عدد المساهمات : 1135
نقاط : 2220
تاريخ التسجيل : 03/10/2009
العمر : 42

تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه Empty
مُساهمةموضوع: تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه   تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 23, 2009 7:19 pm

تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه 1
اللَّهِ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه } قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْل اللَّه : " اللَّه " , فَإِنَّهُ عَلَى مَعْنَى مَا رُوِيَ لَنَا عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس : هُوَ الَّذِي يَأْلَههُ كُلّ شَيْء , وَيَعْبُدهُ كُلّ خَلْق . وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا كُرَيْب : 117 -حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عُمَارَة , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس قَالَ : اللَّه ذُو الْأُلُوهِيَّة وَالْمَعْبُودِيَّة عَلَى خَلْقه أَجْمَعِينَ . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : فَهَلْ لِذَلِكَ فِي " فَعَلَ وَيَفْعَل " أَصْل كَانَ مِنْهُ بِنَاء هَذَا الِاسْم ؟ قِيلَ : أَمَّا سَمَاعًا مِنْ الْعَرَب فَلَا , وَلَكِنْ اِسْتِدْلَالًا. فَإِنْ قَالَ : وَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأُلُوهِيَّة هِيَ الْعِبَادَة , وَأَنَّ الْإِلَه هُوَ الْمَعْبُود , وَأَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي فَعَلَ وَيَفْعَل ؟ قِيلَ : لَا تَمَانُع بَيْن الْعَرَب فِي الْحُكْم - لِقَوْلِ الْقَائِل يَصِف رَجُلًا بِعِبَادَةِ وَيَطْلُب مِمَّا عِنْد اللَّه جَلَّ ذِكْرُهُ : تَأَلَّهَ فُلَانٌ بِالصِّحَّةِ - وَلَا خِلَاف . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل رُؤْبَة بْن الْعَجَّاج : لِلَّهِ دَرّ الْغَانِيَات الْمُدَّهِ سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِي يَعْنِي مِنْ تَعَبُّدِي وَطَلَبِي اللَّه بِعَمَلٍ. وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّأَلُّه " التَّفَعُّل " مِنْ : أَلِهَ يَأْلَه , وَأَنَّ مَعْنَى " لَهُ " إِذَا نَطَقَ بِهِ : عَبْد اللَّه. وَقَدْ جَاءَ مِنْهُ مَصْدَر يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْعَرَب قَدْ نَطَقَتْ مِنْهُ ب " فَعَلَ يَفْعَل " بِغَيْرِ زِيَادَة . وَذَلِكَ مَا : 118 - حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ نَافِع بْن عُمَر , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهُ قَرَأَ : { وَيَذَرَك وَإِلَاهَتَكَ } 7 127 قَالَ : عِبَادَتك , وَيُقَال : إِنَّهُ كَانَ يُعْبَد وَلَا يَعْبُد . * - وَحَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن الْحَسَن , عَنْ اِبْن عَبَّاس : " وَيَذَرَك وَإِلَاهَتَكَ " قَالَ : إِنَّمَا كَانَ فِرْعَوْن يُعْبَد وَلَا يَعْبُد . وَكَذَلِكَ كَانَ عَبْد اللَّه يَقْرَؤُهَا وَمُجَاهِد . 119 -وَحَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن دَاوُد , قَالَ : أَخْبَرَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : " وَيَذَرَك وَإِلَاهَتك " قَالَ : وَعِبَادَتك . وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِلَاهَة عَلَى مَا فَسَّرَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد , مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل أَلَهَ اللَّه فُلَان إِلَاهَة , كَمَا يُقَال : عَبَدَ اللَّهَ فُلَانٌ عِبَادَة , وَعَبَّرَ الرُّؤْيَا عِبَارَة. فَقَدْ بَيَّنَ قَوْل اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد هَذَا أَنَّ أَلِهَ : عَبَدَ , وَأَنَّ الْإِلَاهَة مَصْدَره. فَإِنْ قَالَ : فَإِنْ كَانَ جَائِزًا أَنْ يُقَال لِمَنْ عَبَدَ اللَّه : أَلَهَهُ , عَلَى تَأْوِيل قَوْل اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد , فَكَيْف الْوَاجِب فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال , إِذَا أَرَادَ الْمُخْبِر الْخَبَر عَنْ اِسْتِيجَاب اللَّه ذَلِكَ عَلَى عَبْده ؟ قِيلَ : أَمَّا الرِّوَايَة فَلَا رِوَايَة عِنْدنَا , وَلَكِنَّ الْوَاجِب عَلَى قِيَاس مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الَّذِي : 120 - حَدَّثَنَا بِهِ إِسْمَاعِيل بْن الْفَضْل , قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْعَلَاء , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن يَحْيَى , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَمِسْعَر بْن كِدَام , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ عِيسَى أَسْلَمَتْهُ أُمّه إِلَى الْكُتَّاب لِيُعَلِّمهُ , فَقَالَ لَهُ الْمُعَلِّم : اُكْتُبْ اللَّه , فَقَالَ لَهُ عِيسَى : أَتَدْرِي مَا اللَّه ؟ اللَّهُ إِلَهُ الْآلِهَةِ " . أَنْ يُقَال : اللَّه جَلَّ جَلَاله أَلَهُ الْعَبْد , وَالْعَبْد أَلَهَهُ . وَأَنْ يَكُون قَوْل الْقَائِل " اللَّه " مِنْ كَلَام الْعَرَب أَصْله " الْإِلَه ". فَإِنْ قَالَ : وَكَيْف يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ كَذَلِكَ مَعَ اِخْتِلَاف لَفْظَيْهِمَا ؟ قَالَ : كَمَا جَازَ أَنْ يَكُون قَوْله : { لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي } 18 38 أَصْله : وَلَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّه رَبِّي كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَتَرْمِينَنِي بِالطَّرْفِ أَيْ أَنْتَ مُذْنِب وَتَقْلِينَنِي لَكِنْ إِيَّاكَ لَا أَقْلِي يُرِيد : " لَكِنْ أَنَا إِيَّاكِ لَا أَقْلِي " فَحَذَفَ الْهَمْزَة مِنْ " أَنَا " , فَالْتَقَتْ نُون " أَنَا " " وَنُون " لَكِنْ " وَهِيَ سَاكِنَة , فَأُدْغِمَتْ فِي نُون أَنَا , فَصَارَتَا نُونًا مُشَدَّدَة , فَكَذَلِكَ اللَّه , أَصْله الْإِلَه , أُسْقِطَتْ الْهَمْزَة , الَّتِي هِيَ فَاءَ الِاسْم , فَالْتَقَتْ اللَّام الَّتِي هِيَ عَيْن الِاسْم , وَاللَّام الزَّائِدَة الَّتِي دَخَلَتْ مَعَ الْأَلِف الزَّائِدَة , وَهِيَ سَاكِنَة , فَأُدْغِمَتْ فِي الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ عَيْن الِاسْم , فَصَارَتَا فِي اللَّفْظ لَامًا وَاحِدَة مُشَدَّدَة , كَمَا وَصَفْنَا مِنْ قَوْل اللَّه : { لَكِنَّا هُوَ اللَّه رَبِّي }
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الرَّحْمَن الرَّحِيم } قَالَ أَبُو جَعْفَر : أَمَّا الرَّحْمَن , فَهُوَ " فَعْلَان " , مِنْ رَحِمَ , وَالرَّحِيم فَعِيل مِنْهُ . وَالْعَرَب كَثِيرًا مَا تَبْنِي الْأَسْمَاء مِنْ فَعِلَ يَفْعَل عَلَى فَعْلَان , كَقَوْلِهِمْ مِنْ غَضِبَ غَضْبَان , وَمِنْ سَكِرَ سَكْرَان , وَمِنْ عَطِشَ عَطْشَان , فَكَذَلِكَ قَوْلهمْ رَحْمَن مِنْ رَحِمَ , لِأَنَّ " فَعِلَ " مِنْهُ : رَحِمَ يَرْحَم . وَقِيلَ " رَحِيم " وَإِنْ كَانَتْ عَيْن فَعِلَ مِنْهَا مَكْسُورَة , لِأَنَّهُ مَدْح . وَمِنْ شَأْن الْعَرَب أَنْ يَحْمِلُوا أَبْنِيَة الْأَسْمَاء إِذَا كَانَ فِيهَا مَدْح أَوْ ذَمّ عَلَى فَعِيل , وَإِنْ كَانَتْ عَيْن فِعْل مِنْهَا مَكْسُورَة أَوْ مَفْتُوحَة , كَمَا قَالُوا مِنْ عَلِمَ : عَالِم وَعَلِيم , وَمِنْ قَدَرَ : قَادِر وَقَدِير. وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهَا بِنَاء عَلَى أَفْعَالهَا ; لِأَنَّ الْبِنَاء مِنْ " فَعَلَ يَفْعَل " " وَفَعَلَ يَفْعَل " فَاعِل . فَلَوْ كَانَ الرَّحْمَن وَالرَّحِيم خَارِجَيْنِ عَنْ بِنَاء أَفْعَالهمَا لَكَانَتْ صُورَتهمَا الرَّاحِم . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِذَا كَانَ الرَّحْمَن وَالرَّحِيم اِسْمَيْنِ مُشْتَقِّينَ مِنْ الرَّحْمَة , فَمَا وَجْه تَكْرِير ذَلِكَ وَأَحَدهمَا مُؤَدٍّ عَنْ مَعْنَى الْآخَر ؟ . قِيلَ لَهُ : لَيْسَ الْأَمْر فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ظَنَنْت , بَلْ لِكُلِّ كَلِمَة مِنْهُمَا مَعْنًى لَا تُؤَدِّي الْأُخْرَى مِنْهُمَا عَنْهَا . فَإِنْ قَالَ : وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي اِنْفَرَدَتْ بِهِ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا , فَصَارَتْ إِحْدَاهُمَا غَيْر مُؤَدِّيَة الْمَعْنَى عَنْ الْأُخْرَى ؟ قِيلَ : أَمَّا مِنْ جِهَة الْعَرَبِيَّة , فَلَا تَمَانُع بَيْن أَهْل الْمَعْرِفَة بِلُغَاتِ الْعَرَب أَنَّ قَوْل الْقَائِل وَالرَّحْمَن " - عَنْ أَبْنِيَة الْأَسْمَاء مِنْ " فَعَلَ يَفْعَل " - أَشَدّ عُدُولًا مِنْ قَوْله " الرَّحِيم " . وَلَا خِلَاف مَعَ ذَلِكَ بَيْنهمْ أَنَّ كُلّ اِسْم كَانَ لَهُ أَصْل فِي " فَعَلَ يَفْعَل " , ثُمَّ كَانَ عَنْ أَصْله مِنْ فَعَلَ وَيَفْعَل أَشَدّ عُدُولًا , أَنَّ الْمَوْصُوف بِهِ مُفَضَّل عَلَى الْمَوْصُوف بِالِاسْمِ الْمَبْنِيّ عَلَى أَصْله مِنْ " فَعَلَ يَفْعَل " إِذَا كَانَتْ التَّسْمِيَة بِهِ مَدْحًا أَوْ ذَمًّا . فَهَذَا مَا فِي قَوْل الْقَائِل " الرَّحْمَن " مِنْ زِيَادَة الْمَعْنَى عَلَى قَوْله : " الرَّحِيم " فِي اللُّغَة . وَأَمَّا مِنْ جِهَة الْأَثَر وَالْخَبَر , فَفِيهِ بَيْن أَهْل التَّأْوِيل اِخْتِلَاف . 121 -فَحَدَّثَنِي السَّرِيّ بْن يَحْيَى التَّمِيمِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن زَفَر , قَالَ : سَمِعْت الْعَرْزَمِيّ يَقُول : " الرَّحْمَن الرَّحِيم " قَالَ : الرَّحْمَن بِجَمِيعِ الْخَلْق. " الرَّحِيم " قَالَ : بِالْمُؤْمِنِينَ . 122 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن الْفَضْل , قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْعَلَاء , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عِيَاش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن يَحْيَى , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَمِسْعَر بْن كِدَام , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد - يَعْنِي الْخُدْرِيّ - قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ عِيسَى اِبْن مَرْيَم قَالَ : الرَّحْمَن : رَحْمَن الْآخِرَة وَالدُّنْيَا , وَالرَّحِيم : رَحِيم الْآخِرَة " . فَهَذَانِ الْخَبَرَانِ قَدْ أَنْبَأَ عَنْ فَرْق مَا بَيْن تَسْمِيَة اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِاسْمِهِ الَّذِي هُوَ " رَحْمَن " , وَتَسْمِيَته بِاسْمِهِ الَّذِي هُوَ " رَحِيم " . وَاخْتِلَاف مَعْنَى الْكَلِمَتَيْنِ , وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ الْفَرْق , فَدَلَّ أَحَدهمَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا , وَدَلَّ الْآخَر عَلَى أَنَّهُ فِي الْآخِرَة . فَإِنْ قَالَ : فَأَيّ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ أَوْلَى عِنْدك بِالصِّحَّةِ ؟ قِيلَ : لِجَمِيعِهِمَا عِنْدنَا فِي الصِّحَّة مَخْرَج , فَلَا وَجْه لِقَوْلِ قَائِل : أَيّهمَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ . وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فِي تَسْمِيَة اللَّه بِالرَّحْمَنِ , دُون الَّذِي فِي تَسْمِيَته بِالرَّحِيمِ ; هُوَ أَنَّهُ بِالتَّسْمِيَةِ بِالرَّحْمَنِ مَوْصُوف بِعُمُومِ الرَّحْمَة جَمِيع خَلْقه , وَأَنَّهُ بِالتَّسْمِيَةِ بِالرَّحِيمِ مَوْصُوف بِخُصُوصِ الرَّحْمَة بَعْض خَلْقه , إِمَّا فِي كُلّ الْأَحْوَال , وَإِمَّا فِي بَعْض الْأَحْوَال. فَلَا شَكَّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , أَنَّ ذَلِكَ الْخُصُوص الَّذِي فِي وَصْفه بِالرَّحِيمِ لَا يَسْتَحِيل عَنْ مَعْنَاهُ , فِي الدُّنْيَا كَانَ ذَلِكَ أَوْ فِي الْآخِرَة , أَوْ فِيهِمَا جَمِيعًا . فَإِذَا كَانَ صَحِيحًا مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ - وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ خَصَّ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ فِي عَاجِل الدُّنْيَا بِمَا لَطَفَ بِهِمْ فِي تَوْفِيقه إِيَّاهُمْ لِطَاعَتِهِ , وَالْإِيمَان بِهِ وَبِرُسُلِهِ , وَاتِّبَاع أَمْره وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه ; مِمَّا خَذَلَ عَنْهُ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ فَكَفَرَ , وَخَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَرَكِبَ مَعَاصِيه , وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ جَعَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا أَعَدَّ فِي آجِل الْآخِرَة فِي جَنَّاته مِنْ النَّعِيم الْمُقِيم وَالْفَوْز الْمُبِين لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ رُسُله وَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ خَالِصًا دُون مَنْ أَشْرَكَ وَكَفَرَ بِهِ كَانَ بَيِّنًا أَنَّ اللَّه قَدْ خَصَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ رَحْمَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , مَعَ مَا قَدْ عَمّهمْ بِهِ وَالْكُفَّار فِي الدُّنْيَا , مِنْ الْإِفْضَال وَالْإِحْسَان إِلَى جَمِيعهمْ , فِي الْبَسْط فِي الرِّزْق , وَتَسْخِير السَّحَاب بِالْغَيْثِ , وَإِخْرَاج النَّبَات مِنْ الْأَرْض , وَصِحَّة الْأَجْسَام وَالْعُقُول , وَسَائِر النِّعَم الَّتِي لَا تُحْصَى , الَّتِي يَشْتَرِك فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْكَافِرُونَ. فَرَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ رَحْمَن جَمِيع خَلْقه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . وَرَحِيم الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. فَأَمَّا الَّذِي عَمَّ جَمِيعهمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ رَحْمَته , فَكَانَ رَحْمَانًا لَهُمْ بِهِ , فَمَا ذَكَرْنَا مَعَ نَظَائِره الَّتِي لَا سَبِيل إِلَى إِحْصَائِهَا لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقه , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّه لَا تُحْصُوهَا } 14 34 وَأَمَّا فِي الْآخِرَة , فَاَلَّذِي عَمَّ جَمِيعهمْ بِهِ فِيهَا مِنْ رَحْمَته , فَكَانَ لَهُمْ رَحْمَانًا. تَسْوِيَته بَيْن جَمِيعهمْ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي عَدْله وَقَضَائِهِ , فَلَا يَظْلِم أَحَدًا مِنْهُمْ مِثْقَال ذَرَّة , وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا , وَتُوَفَّى كُلّ نَفْس مَا كَسَبَتْ . فَذَلِكَ مَعْنَى عُمُومه فِي الْآخِرَة جَمِيعهمْ بِرَحْمَتِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ رَحْمَانًا فِي الْآخِرَة . وَأَمَّا مَا خَصَّ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي عَاجِل الدُّنْيَا مِنْ رَحْمَته الَّذِي كَانَ بِهِ رَحِيمًا لَهُمْ فِيهَا , كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } 33 43 فَمَا وَصَفْنَا مِنْ اللُّطْف لَهُمْ فِي دِينهمْ , فَخَصَّهُمْ بِهِ دُون مَنْ خَذَلَهُ مِنْ أَهْل الْكُفْر بِهِ . وَأَمَّا مَا خَصَّهُمْ بِهِ فِي الْآخِرَة , فَكَانَ بِهِ رَحِيمًا لَهُمْ دُون الْكَافِرِينَ . فَمَا وَصَفْنَا آنِفًا مِمَّا أَعَدَّ لَهُمْ دُون غَيْرهمْ مِنْ النَّعِيم وَالْكَرَامَة الَّتِي تَقْصُر عَنْهَا الْأَمَانِيّ . وَأَمَّا الْقَوْل الْآخَر فِي تَأْوِيله , فَهُوَ مَا : 123 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عُمَارَة , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , قَالَ : الرَّحْمَن الْفَعْلَان مِنْ الرَّحْمَة , وَهُوَ مِنْ كَلَام الْعَرَب . قَالَ : الرَّحْمَن الرَّحِيم : الرَّقِيق الرَّفِيق بِمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْحَمهُ , وَالْبَعِيد الشَّدِيد عَلَى مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُعَنِّف عَلَيْهِ . وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ كُلّهَا . وَهَذَا التَّأْوِيل مِنْ اِبْن عَبَّاس , يَدُلّ عَلَى أَنَّ الَّذِي بِهِ رَبّنَا رَحْمَن هُوَ الَّذِي بِهِ رَحِيم , وَإِنْ كَانَ لِقَوْلِهِ وَالرَّحْمَن . مِنْ الْمَعْنَى مَا لَيْسَ لِقَوْلِهِ " الرَّحِيم " ; لِأَنَّهُ جَعَلَ مَعْنَى الرَّحْمَن بِمَعْنَى الرَّقِيق عَلَى مَنْ رَقَّ عَلَيْهِ , وَمَعْنَى الرَّحِيم بِمَعْنَى الرَّفِيق بِمَنْ رَفَقَ بِهِ. وَالْقَوْل الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْنَاهُ عَنْ الْعَرْزَمِيّ , أَشْبَه بِتَأْوِيلِهِ مِنْ هَذَا الْقَوْل الَّذِي رَوَيْنَا عَنْ اِبْن عَبَّاس ; وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَوْل مُوَافِقًا مَعْنَاهُ مَعْنَى ذَلِكَ , فِي أَنَّ لِلرَّحْمَنِ مِنْ الْمَعْنَى مَا لَيْسَ لِلرَّحِيمِ , وَأَنَّ لِلرَّحِيمِ تَأْوِيلًا غَيْر تَأْوِيل الرَّحْمَن . وَالْقَوْل الثَّالِث فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , مَا : 124 -حَدَّثَنِي بِهِ عِمْرَان بْن بَكَّار الْكُلَاعِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَر نَصْر بْن عَمْرو اللَّخْمِيّ مِنْ أَهْل فِلَسْطِين , قَالَ : سَمِعْت عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , يَقُول : كَانَ الرَّحْمَن , فَلَمَّا اُخْتُزِلَ الرَّحْمَن مِنْ اِسْمه كَانَ الرَّحْمَن الرَّحِيم. وَاَلَّذِي أَرَادَ إِنْ شَاءَ اللَّه عَطَاء بِقَوْلِهِ هَذَا : أَنَّ الرَّحْمَن كَانَ مِنْ أَسْمَاء اللَّه الَّتِي لَا يَتَسَمَّى بِهَا أَحَد مِنْ خَلْقه , فَلَمَّا تَسَمَّى بِهِ الْكَذَّاب مُسَيْلِمَة - وَهُوَ اِخْتِزَاله إِيَّاهُ , يَعْنِي اِقْتِطَاعه مِنْ أَسْمَائِهِ 0 لِنَفْسِهِ - أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ اِسْمه الرَّحِيم الرَّحِيم , لِيَفْصِل بِذَلِكَ لِعِبَادِهِ اِسْمه مِنْ اِسْم مَنْ قَدْ تَسَمَّى بِأَسْمَائِهِ , إِذْ كَانَ لَا يُسَمَّى أَحَد الرَّحْمَن الرَّحِيم فَيَجْمَع لَهُ هَذَانِ الِاسْمَانِ غَيْره جَلَّ ذِكْرُهُ ; وَإِنَّمَا تَسَمَّى بَعْض خَلْقه إِمَّا رَحِيمًا , أَوْ يَتَسَمَّى رَحْمَن , فَأَمَّا " رَحْمَن رَحِيم " , فَلَمْ يَجْتَمِعَا قَطُّ لِأَحَدٍ سِوَاهُ , وَلَا يُجْمَعَانِ لِأَحَدٍ غَيْره . فَكَأَنَّ مَعْنَى قَوْل عَطَاء هَذَا : أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا فَصَلَ بِتَكْرِيرِ الرَّحِيم عَلَى الرَّحْمَن بَيْن اِسْمه وَاسْم غَيْره مِنْ خَلْقه , اِخْتَلَفَ مَعْنَاهُمَا أَوْ اِتَّفَقَا. وَاَلَّذِي قَالَ عَطَاء مِنْ ذَلِكَ غَيْر فَاسِد الْمَعْنَى , بَلْ جَائِز أَنْ يَكُون جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَصَّ نَفْسه بِالتَّسْمِيَةِ بِهِمَا مَعًا مُجْتَمِعَيْنِ إِبَانَة لَهَا مِنْ خَلْقه , لِيَعْرِف عِبَاده بِذِكْرِهِمَا مَجْمُوعَيْنِ أَنَّهُ الْمَقْصُود بِذِكْرِهِمَا دُون مَنْ سِوَاهُ مِنْ خَلْقه , مَعَ مَا فِي تَأْوِيل كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي لَيْسَ فِي الْآخَر مِنْهُمَا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْغَبَاء أَنَّ الْعَرَب كَانَتْ لَا تَعْرِف الرَّحْمَن وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي لُغَتهَا ; وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَمَا الرَّحْمَن أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرنَا } 25 20 إِنْكَارًا مِنْهُمْ لِهَذَا الِاسْم . كَأَنَّهُ كَانَ مُحَالًا عِنْده أَنْ يُنْكِر أَهْل الشِّرْك مَا كَانُوا عَالِمِينَ بِصِحَّتِهِ , أَوْ كَأَنَّهُ لَمْ يَتْلُ مِنْ كِتَاب اللَّه قَوْل اللَّه : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب يَعْرِفُونَهُ } يَعْنِي مُحَمَّدًا { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } 2 146 وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ بِهِ مُكَذِّبُونَ , وَلِنُبُوَّتِهِ جَاحِدُونَ . فَيُعْلَم بِذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يُدَافِعُونَ حَقِيقَة مَا قَدْ ثَبَتَ عِنْدهمْ صِحَّته وَاسْتَحْكَمَتْ لَدَيْهِمْ مَعْرِفَته . وَقَدْ أُنْشِدَ لِبَعْضِ الْجَاهِلِيَّة الْجُهَلَاء : أَلَا ضَرَبَتْ تِلْكَ الْفَتَاة هَجِينَهَا أَلَا قَضَبَ الرَّحْمَن رَبِّي يَمِينَهَا وَقَالَ سَلَامَة بْن جَنْدَل الطَّهْوِيّ : عَجِلْتُمْ عَلَيْنَا عَجْلَتَيْنَا عَلَيْكُمْ وَمَا يَشَإِ الرَّحْمَنُ يَعْقِدْ وَيُطْلِقِ وَقَدْ زَعَمَ أَيْضًا بَعْض مَنْ ضَعُفَتْ مَعْرِفَته بِتَأْوِيلِ أَهْل التَّأْوِيل , وَقَلَّتْ رِوَايَته لِأَقْوَالِ السَّلَف مِنْ أَهْل التَّفْسِير , أَنَّ " الرَّحْمَن " مَجَازه " ذُو الرَّحْمَة " , و " الرَّحِيم " مَجَازه " الرَّاحِم ". ثُمَّ قَالَ : قَدْ يُقَدِّرُونَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ لَفْظ وَالْمَعْنَى وَاحِد , وَذَلِكَ لِاتِّسَاعِ الْكَلَام عِنْدهمْ . قَالَ وَقَدْ فَعَلُوا مِثْل ذَلِكَ , فَقَالُوا : نَدْمَان وَنَدِيم. ثُمَّ اِسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ بُرْج بْن مُسْهِر الطَّائِيّ : وَنَدْمَانٍ يَزِيدُ الْكَأْسَ طِيبًا سَقَيْتُ وَقَدْ تَغَوَّرَتْ النُّجُومُ وَاسْتَشْهَدَ بِأَبْيَاتٍ نَظَائِر لَهُ فِي النَّدِيم وَالنَّدْمَان . فَفَرَّقَ بَيْن مَعْنَى الرَّحْمَن وَالرَّحِيم فِي التَّأْوِيل , لِقَوْلِهِ : الرَّحْمَن ذُو الرَّحْمَة , وَالرَّحِيم : الرَّاحِم . وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ بَيَان تَأْوِيل مَعْنَيَيْهِمَا عَلَى صِحَّته . ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ بِاللَّفْظَيْنِ يَأْتِيَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ , فَعَادَ إِلَى مَا قَدْ جَعَلَهُ بِمَعْنَيَيْنِ , فَجَعَلَهُ مِثَال مَا هُوَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مَعَ اِخْتِلَاف الْأَلْفَاظ . وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَا الرَّحْمَة هُوَ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّ لَهُ الرَّحْمَة وَصَحَّ أَنَّهَا لَهُ صِفَة , وَأَنَّ الرَّاحِم هُوَ الْمَوْصُوف بِأَنَّهُ سَيَرْحَمُ , أَوْ قَدْ رَحِمَ فَانْقَضَى ذَلِكَ مِنْهُ , أَوْ هُوَ فِيهِ. وَلَا دَلَالَة لَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ أَنَّ الرَّحْمَة لَهُ صِفَة , كَالدلالَةِ عَلَى أَنَّهَا لَهُ صِفَة إِذَا وَصَفَهُ بِأَنَّهُ ذُو الرَّحْمَة . فَأَيْنَ مَعْنَى الرَّحْمَن الرَّحِيم عَلَى تَأْوِيله مِنْ مَعْنَى الْكَلِمَتَيْنِ يَأْتِيَانِ مُقَدَّرَتَيْنِ مِنْ لَفْظ وَاحِد بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظ وَاتِّفَاق الْمَعَانِي ؟ وَلَكِنَّ الْقَوْل إِذَا كَانَ غَيْر أَصْل مُعْتَمَد عَلَيْهِ كَانَ وَاضِحًا عُوَارُهُ . وَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَلِمَ قَدَّمَ اِسْم اللَّه الَّذِي هُوَ اللَّه عَلَى اِسْمه الَّذِي هُوَ الرَّحْمَن , وَاسْمه الَّذِي هُوَ الرَّحْمَن عَلَى اِسْمه الَّذِي هُوَ الرَّحِيم ؟ قِيلَ : لِأَنَّ مِنْ شَأْن الْعَرَب إِذَا أَرَادُوا الْخَبَر عَنْ مُخْبَر عَنْهُ أَنْ يُقَدِّمُوا اِسْمه , ثُمَّ يُتْبِعُوهُ صِفَاتِهِ وَنُعُوتَهُ . وَهَذَا هُوَ الْوَاجِب فِي الْحُكْم : أَنْ يَكُون الِاسْم مُقَدَّمًا قَبْل نَعْته وَصِفَته , لِيَعْلَم السَّامِع لِلْخَبَرِ عَمَّنْ الْخَبَر فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ لِلَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ أَسْمَاء قَدْ حَرَّمَ عَلَى خَلْقه أَنْ يَتَسَمَّوْا بِهَا خَصَّ بِهَا نَفْسه دُونهمْ , وَذَلِكَ مِثْل " اللَّه " , و " الرَّحْمَن " و " الْخَالِق " ; وَأَسْمَاء أَبَاحَ لَهُمْ أَنْ يُسَمِّي بَعْضهمْ بَعْضًا بِهَا , وَذَلِكَ كَالرَّحِيمِ , وَالسَّمِيع , وَالْبَصِير , وَالْكَرِيم , وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاء ; كَانَ الْوَاجِب أَنْ يُقَدِّم أَسْمَاءَهُ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّة دُون جَمِيع خَلْقه , لِيَعْرِف السَّامِع ذَلِكَ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْحَمْد وَالتَّمْجِيد ثُمَّ يُتْبِع ذَلِكَ بِأَسْمَائِهِ الَّتِي قَدْ تَسَمَّى بِهَا غَيْره , بَعْد عِلْم الْمُخَاطَب أَوْ السَّامِع مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ مَا يَتْلُو ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي . فَبَدَأَ اللَّه جَلَّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ الَّذِي هُوَ اللَّه ; لِأَنَّ الْأُلُوهِيَّة لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوه , لَا مِنْ جِهَة التَّسَمِّي بِهِ , وَلَا مِنْ جِهَة الْمَعْنَى . وَذَلِكَ أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَعْنَى اللَّه هُوَ الْمَعْبُود , وَلَا مَعْبُود غَيْره جَلَّ جلاله , وَأَنَّ التَّسَمِّي بِهِ قَدْ حَرَّمَهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , وَإِنْ قَصَدَ الْمُتَّسِمِي بِهِ مَا يَقْصِد الْمُتَّسِمِي بِسَعِيدٍ وَهُوَ شَقِيّ , وَبِحَسَنٍ وَهُوَ قَبِيح . أَوَلَا تَرَى أَنَّ اللَّه جَلَّ جَلَاله قَالَ فِي غَيْر آيَة مِنْ كِتَابه : { أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه } فَاسْتَكْبَرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُقِرّ بِهِ , وَقَالَ تَعَالَى فِي خُصُوصِيَّة نَفْسه بِاَللَّهِ وَبِالرَّحْمَنِ : { قُلْ اُدْعُوا اللَّه أَوْ اُدْعُوا الرَّحْمَن أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } 17 110 ثُمَّ ثَنَّى بِاسْمِهِ , الَّذِي هُوَ الرَّحْمَن , إِذْ كَانَ قَدْ مَنَعَ أَيْضًا خَلْقه التَّسَمِّي بِهِ , وَإِنْ كَانَ مِنْ خَلْقه مَنْ قَدْ يَسْتَحِقّ تَسْمِيَته بِبَعْضِ مَعَانِيه ; وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوز وَصْف كَثِير مِمَّنْ هُوَ دُون اللَّه مِنْ خَلْقه بِبَعْضِ صِفَات الرَّحْمَة , وَغَيْر جَائِز أَنْ يَسْتَحِقّ بَعْض الْأُلُوهِيَّة أَحَد دُونه ; فَلِذَلِكَ جَاءَ الرَّحْمَن ثَانِيًا لِاسْمِهِ الَّذِي هُوَ " اللَّه ". وَأَمَّا اِسْمه الَّذِي هُوَ " الرَّحِيم " فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ مِمَّا هُوَ جَائِز وَصْف غَيْره بِهِ. وَالرَّحْمَة مِنْ صِفَاته جَلَّ ذِكْرُهُ , فَكَانَ إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا , وَاقِعًا مَوَاقِع نُعُوت الْأَسْمَاء اللَّوَاتِي هُنَّ تَوَابِعهَا بَعْد تَقَدُّم الْأَسْمَاء عَلَيْهَا . فَهَذَا وَجْه تَقْدِيم اِسْم اللَّه الَّذِي هُوَ " اللَّه " عَلَى اِسْمه الَّذِي هُوَ " الرَّحْمَن " , وَاسْمه الَّذِي هُوَ " الرَّحْمَن " عَلَى اِسْمه الَّذِي هُوَ " الرَّحِيم ". وَقَدْ كَانَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ يَقُول فِي الرَّحْمَن مِثْل مَا قُلْنَا , إِنَّهُ مِنْ أَسْمَاء اللَّه الَّتِي مَنَعَ التَّسَمِّي بِهَا لِعِبَادِهِ. 125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الرَّحْمَن اِسْم مَمْنُوع . مَعَ أَنَّ فِي إِجْمَاع الْأُمَّة مِنْ مَنْع التَّسَمِّي بِهِ جَمِيعَ النَّاس مَا يُغْنِي عَنْ الِاسْتِشْهَاد عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْحَسَن وَغَيْره .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير الطبرى للجزء الثانى من الفاتحه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير الطبرى لسورة الفاتحه الجزء السادس
» تفسير الطبرى لسورة الفاتحه الجزء الأول
» تفسير الطبرى ايه (1)من سورة البقرة
» تفسير الطبرى ايه (2 ) من سورة البقرة
» تفسير الطبرى ايه (3 ) من سورة البقرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نانسي عجرم :: الفئة العامة للاعضاء :: قسم القران الكريم-
انتقل الى: